السلام يعطي للحياة رونقها وبهائها ويجعل الإنسان
يتمتع بها ويتلذذ بطعمها, ففي الأزمنة القديمة كانت الوحشية تهيمن على البشرية لان الإنسان كان يجهل الله ويجهل ذاته أيضا حيث كان يتناحر مع أخيه الإنسان دائما لعدم درايته بمعرفة الله وكانت لديه روح الانتقام على ذلك. وخير شاهد على ذلك قصة الأخوين قايين و هابيل وكيف انتقم قايين من أخيه هابيل وقتله لان هابيل كان بارا ويحب الله ويجود بأجود ما لديه من المواشي لكي يقربها قربانا لله وأما قايين فكان شريرا يأتي بكل ما هو رديء و ضعيف ليقربه إلى الله لذا فان الرب بارك هابيل وأعطاه المزيد وبارك أرضه أيضا. فعندما رأى قايين ما وهب الله لهابيل من نعم غزيرة دخل الحسد والطمع في قلبه كما دخل الشيطان في قلب يهوذا الاسخريوطي وسلم سيده. وبينما هما في الحقل هجم قايين على أخيه هابيل كالوحش المفترس وقتله للحال, وفي ذلك الحين صرخ دم هابيل البار وصعدت روحه الطاهرة إلى أحضان خالقها لتحظى بالسعادة الأبدية, و من هناك جاء صوت الله من فوق قايين قايين أين أخاك هابيل إن دم أخيك يصرخ لماذا قتلته ملعون تكون في هذه الدنيا. إن هذه القصة العظيمة تعلمنا الكثير من الأمور والعبر في هذه الحياة وتجعلنا نستقي منها دروس وحكم كثيرة فنسال أنفسنا هل نحن نسير بالطريق التي سلكها قايين أم في الطريق التي سلكها هابيل. خصوصا بعد أن حل السلام في العالم وصار لنا اليقين الكامل بوجود الله عندما صارت الكلمة جسدا وحلت بيننا عند ولادة يسوع كانت الملائكة تسبح وتنشد المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والمسرة الصالحة لبني البشر. إن يسوع السلام بولادته جدد حياة العالم وحولها إلى حياة نعمة وسلام فأعماله الكثيرة وتعاليمه الصحيحة للناس تشهد له بأنه سيد المحبة والسلام لأنه هو القائل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الأخر ومن سخرك ميل فامشي معه اثنين ومن طلب رداءك فأعطه ثوبك أيضا, إن معاني هذه الأقوال كثيرة وغنية عن التعريف وتتميز بخصوصيات عالية لأنها تقود الإنسان إلى طريق الخير الصلاح أليس هو القائل طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يدعون. أين عالمنا اليوم من السلام ؟حيث أن العالم في يومنا هذا أصبح ينشد فقط للسلام ولا يعمل به بل بالعكس اصبح غارق في بحر الظلام لان ضعف الأيمان جعله يسير بهذا الاتجاه فكيف السبيل لإنقاذه من هذا المأزق ؟ الحل هو المسيح السلام فالذي يقتدي بنور المسيح يكون بعيدا عن الظلام لان يسوع نور حقيقي وخير دليل على السلام , والذي علق على الصليب وقاسى شتى أنواع العذاب طلب من أبيه السماوي الغفران للقتلة الصالبين قبل موته , أليس هذا اكبر برهان قاطع على انه رمز المحبة والسلام , وهل يوجد في الكون أعظم من هذا ؟ في الحقيقة لا يوجد أي شيء في الحياة باستطاعته أن يمنعنا عن الإقتداء بهذا النور الساطع. فإذا عزمنا على ذلك نكون بحاجة إلى إيمان قوي وإرادة صلبه وقلب كبير مغمور بالمحبة عند ذلك نكون قد حققنا الطموح الذي نصبو إليه. إذا كانت تنقصنا كل هذه الصفات عندها نكون بعيدين كل البعد عن هذا النور ونصبح في النهاية غارقين في دياجير الظلام. من يحب السلام عليه أن يبرهن ذلك بمحبة الله لان الله محبة والمحبة هي ضد كل عمل مكروه لا يتوافق مع إرادته, وعلى سبيل المثال, القتل هو جريمة لا غفران لها أبدا عند الله ولا يوجد أي تبرير للقتل والتعدي لدى الله أبدا. وكما ذكرت في البداية قصة الأخوين فالإنسان هو صورة الله ومثاله على هذه الأرض الذي يعتدي ويقتل أخيه الإنسان لا يعرف الله ألبته وبعمله المشين هذا يكون قد اقترف جريمة كبيرة لا غفران لها وسوف يحاسب حسابا عسيرا أمام الله . إن الله خلقنا لكي نحبه ونعبده لأنه صديقنا ويحبنا كثيرا لذا فلا يجوز أن نغضبه أبدا بل بالعكس علينا أن نحبه ونعمل بوصاياه لكي ننال رضاه فهو أب رحيم وصالح للبشر ومن هذا المنظار لا نعطي أي فرصة لإبليس لكي يتغلب علينا بل بالعكس نكون قد سحقنا راس إبليس بعمل الخير ومحبتنا لإخواننا البشر ولو كان كل إنسان قد أدرك هذه الأمور وتمعن بها جيدا وعمل بموجبها يكون قد أصبح بحق وحقيقة عنصر جيد وفعال في الحياة وابن بار وشجرة صالحة تثمر ثمارا جيدة وهذا يتطلب منه التفكير والتأمل وفحص الضمير لاكتشاف ألذات. ومن خلال هذا يستطيع أن يتغلب على ضعفه البشري. بقي شيء واحد ومهم جدا يجب ذكره ألا وهو الصلاة, لنصلي ونتضرع ونطلب من رب السلام أن يحل سلامه على العالم اجمع وعلى كل بلد جريح بحاجة إلى السلام ونقول بصلاتنا هذه يارب أنر عقل كل إنسان يجهلك لكي تنفتح بصيرته ويعرفك و أرسل روحك القدوس لكي يلهمه ويقوده إلى طريق الخير والصلاح يا رب ساعده ولا تدعه يغرق بوحل الخطيئة لأنك أب رحيم, اجعل محبتك وسلامك حالتا في داخله فأنت محب البشر يا رب كما بحثت عن الخروف الضال ارجع كل إنسان ضال وتائه إلى حظيرتك لكي يمجد اسمك القدوس ولكي يكون بجدارة واستحقاق أهلا لحمل رسالة المحبة والسلام مع المسيح ملك السلام. آمين